كـــــــــــــــلام الــنـــاسـ

**‏ كيف يمكن لرب أسرة ـ أي رب أسرة ـ أن يتحمل نفقات المعيشة مع اشتعال الأسعار كل طلعة شمس في غياب رقابة الدولة‏,‏ وفي ظل عجز الحكومة حتي عن تدبير من يراقب‏18‏ ألف مخبز في القاهرة وحدها وجيش من مفتشي التموين ومعهم رجال شرطة؟‏!**‏

لن أخذل شعبي أبدا‏..‏ أليس هذا ما قاله الرئيس حسني مبارك أخيرا‏..‏ تعليقا علي اهتمامه البالغ بالناس الغلابة؟
الكلمات ليست لي ولكنها لعم فرحات أو فرحات بيه عندما كان طاووسا كبيرا في دواوين الحكومة‏..‏ بعد أن تحقق حلم يومه الطويل ووصل إلي شباك المخبز البلدي في حارة زين العابدين في شبرا الخيمة‏..‏ بعد أربع ساعات كاملة مصلوبا في طابور العيش‏,‏ وحصل علي كنز من أرغفة العيش قوامها عشرون رغيفا ملهلبا بنار الفرن‏..‏ دفع فيها جنيها بحاله‏!‏

قلت‏:‏ أيوه ياعم فرحات‏..‏ دلوقتي بتاخذ رغيف العيش في الطابور بعد وقوف طويل طويل طويل بخمسة قروش‏..‏ ولكن بعد شيل الدعم وتحويله إلي دعم نقدي لمن يستحق فقط من فقراء مصر والمحتاجين ومحدودي الدخل‏..‏ سوف يصبح هذا الرغيف في خبر كان‏!‏
عم فرحات بإصرار‏:‏ الرئيس لن يخذل شعبه أبدا‏..‏ لن يتخلي عنا‏..‏ أليس هو من قال‏:‏ أنا منحاز دائما لمحدودي الدخل

قلت‏:‏ الدولة مصممة علي ترشيد الدعم‏..‏ النهاردة بكرة‏..‏ بعد بكرة‏..‏ وتحويله في آخر الأمر إلي دعم نقدي لمن يستحق‏..‏
عشان الحرامية اللي بينهبوا من تسرب الدقيق في السوق السوداء بس‏..‏ أكثر من اربعة مليارات جنيه‏..‏ يعني الحرامية دول زي ما قال زميلنا العزيز اسامة سرايا رئيس التحرير‏,‏ بيكسبوا من رغيف العيش قد اللي بيكسبوه تجار المخدرات‏!‏
قال‏:‏ الرئيس قال لهم رشدوا الدعم مش شيلوه خالص‏..‏ دي كانت الناس اللي زي حالتنا تموت من الجوع‏!‏

قلت‏:‏ يا عم فرحات‏..‏ تعالي نحسبها حسب تصريحات رئيس وزراء الحكومة الذكية‏..‏ انت راتبك‏..‏ أقصد معاشك كام دلوقتي؟
قال وهو يعض علي أصابعه‏:432‏ جنيها فقط لاغير‏!‏

قلت‏:‏ يبقي انت وأمثالك الذين تعتبرهم الحكومة ناس قادرين ومبسوطين خارج دائرة الدعم النقدي‏..‏ الذي لن يمنح إلا لمن يقل دخلهم الشهري عن‏166‏ جنيها حسب تصريحات السادة المسئولين‏,‏ وعلي رأسهم وزير التضامن الاجتماعي‏!‏
ـ ياخبر أسود ومنيل
عبارة تخرج من فم عم فرحات عفو الخاطر‏..‏ ثم يكمل سوادها وظلامها بقوله‏:‏ يعني معني كده اننا حنعيش دون دعم نقدي ودون دعم عيني كمان‏..‏ ييجوا بقي ياخدوا المعاش ويصرفوا هما بمعرفتهم علي الأولاد والزوجة ويرموا طوبتي أنا‏..‏
أسأله‏:‏ إزاي؟

يقول‏:‏ لأنني سوف أتحول إلي متسول بدرجة وكيل وزارة سابق علي باب أم هاشم‏!‏
تغاضيت عن تلميحاته التي خرجت من فم سوف يموت من الجوع هو وكل عائلته إذا شالوا منه الدعم العيني والنقدي وقلت له‏:‏ ياسيدي‏..‏ سيادة الوزير عثمان محمد عثمان حدد في دراسة اقتصادية أنهم اختاروا نسبة الــ‏40%‏ من عدد سكان مصر يعني نحو‏32‏ مليون إنسان‏..‏ نصفهم تحت خط الفقر والنصف الآخر فوق حد الفقر مباشرة‏..‏ وهذه الشريحة تحتاج إلي الدعم‏.‏

يقول عم فرحات‏:‏ واللي زينا كده من ولاد البطة السوداء يعني‏..‏ لا يستحقون دعما ولا يحزنون‏!‏
‏....................‏
‏...................‏
نترك عم فرحات‏..‏ فرحانا بالعشرين رغيفا‏..‏ وآخر نكد لتواتر الأخبار بقرب شيل الدعم‏..‏
والسؤال‏..‏ ولعله سؤال الساعة‏:‏ كم تكلف فاتورة الدعم ميزانية الدولة؟

الجواب علي لسان الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء نفسه في اجتماع طاريء حضره وزراء المالية والتنمية الإدارية والاستثمار والتضامن الاجتماعي‏:‏ إن فاتورة الدعم قفزت في ميزانية‏2008/2007‏ إلي رقم فلكي هو‏56‏ مليار جنيه مصري‏..‏ بعد أن كانت لا تتعدي‏1,6‏ مليار جنيه في ميزانية الدولة عام‏1981/1980..‏ أي قبل نحو‏27‏ عاما‏..‏

وأضاف رئيس مجلس الوزراء‏:‏ إن فاتورة الدعم تكلف مصر الآن ضعف ميزانية التعليم وأربعة أمثال ما نصرفه علي الصحة‏!‏

ولكن السيد رئيس مجلس الوزراء نسي ـ كما يقول الدكتور جمال الدين محمود الخبير الاقتصادي بمعهد التخطيط القومي ـ إن الأسعار زادت بنسبة‏1200%‏ خلال الـ‏21‏ عاما الأخيرة‏..‏ ومن المنتظر‏,‏ بل من المؤكد‏,‏ أن ترتفع الأسعار بنسبة لا تقل عن‏100%‏ بعد إلغاء الدعم العيني مباشرة‏!‏

ويتفق د‏.‏ سلطان أبوعلي وزير الاقتصاد الأسبق مع الدكتور جمال الدين محمود الخبير الاقتصادي‏..‏ في أن الأسعار سوف ترتفع أوتوماتيكيا بعد تطبيق الدعم النقدي بنسبة‏100%‏ علي الأقل‏..‏ لأن النظام الكامل لأي خطة اقتصادية يكاد يكون مستحيلا‏!‏
قد يسأل خبيث من الخبثاء وما أكثرهم في بلدنا‏:‏ احترنا والله‏..‏ كل جهة تقول رقما من عندها عن عدد الفقراء في مصر‏..‏ من نصدق؟
وما هو خط الفقر هذا الذي يجلس المصريون تحته وعنده وفوقه؟

‏1‏ ـ الأرقام الرسمية من قبل وزير التنمية الاقتصادية د‏.‏ عثمان محمد عثمان تقول‏:‏ إن عدد الفقراء في مصر هم‏40%‏ من السكان نصفهم‏20%‏ تحت خط الفقر‏..‏ ونصفهم فوق خط الفقر مباشرة‏..‏ وهؤلاء يستحقون الدعم العيني أو النقدي‏.‏

‏2‏ ـ مجلس الشوري ـ وهو جهة موثوق في دراساتها وأرقامها ـ أعلنت لجنة الإنتاج الزراعي في تقرير أعده المستشار الاقتصادي د‏.‏ إبراهيم سليمان أن‏45%‏ من سكان مصر يعيشون تحت خط الفقر‏!‏

‏3‏ ـ الصندوق الدولي للتنمية الزراعية التابع للأمم المتحدة يقول‏:‏ إن‏48‏ مليون مصري في عداد الفقراء‏..‏ ووصف التقرير الدولي هؤلاء الفقراء بأنهم جوعي ومرضي ومحرومون من المأوي والغذاء والتعليم الجيد والرعاية الصحية‏.‏

‏4‏ ـ ولعل أخطر تقرير عن الفقر في مصر‏..‏ صدر من الأمم المتحدة يقول‏:‏ إن‏5,2‏ مليون مصري يعيشون في فقر مدقع‏+3,1%‏ من المصريين يقل دخلهم عن‏100‏ جنيه شهريا‏..‏ أي أقل من دولار واحد في اليوم‏+30%‏ من أطفال الفقراء في مصر يعانون مرض التقزم‏..‏ يعني الولد منهم يادوب شبر ونص من قلة الغذاء والرعاية الصحية‏!‏

‏5‏ ـ ولعل أخطر تقرير عن الفقر في مصر‏..‏ ذلك الذي أعلنه في سبتمبر الماضي اللواء أبوبكر الجندي رئيس الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء‏..‏قال‏:‏
‏
*‏ إن هناك قرابة عشرة ملايين مواطن يسكنون في ألف قرية مصرية تعتبر هي الأفقر في مصر‏!‏
‏
*‏ وإن دراسة أجريت علي‏4040‏ قرية في مصر أكدت أن أفقر مائة قرية تضم‏715‏ ألف شخص‏,‏ منهم‏76%‏ يعيشون تحت خط الفقر‏.‏
‏*‏ وإن هناك نحو‏4,9‏ مليون شخص يسكنون في أفقر‏500‏ قرية‏60%‏ منهم فقراء‏.‏
‏
*‏ كما يسكن نحو‏10,3‏ مليون شخص في أفقر‏1000‏ قرية منهم نحو‏51,8%‏ فقراء دقة‏!‏
‏
*‏ وذكر رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن عدد القري التي تقل نسبة الفقراء بها عن‏20%‏ تبلغ‏2496‏ قرية‏,‏ وأن عدد القري التي تقل نسبة الفقراء بها عن‏10%‏ تضم نحو‏506‏ قري‏,‏ مشيرا إلي أن الفقر الذي حددته مقاييس الفقر في الدول النامية يشمل عدم القدرة علي تلبية الحد الأدني من الاحتياجات الأساسية من الطعام والسكن الملائم والملابس والمياه النقية ووسائل التعليم‏.‏
وقال اللواء أبوبكر الجندي‏:‏ إن متوسط خط الفقر في مصر بلغ‏1992‏ جنيها‏(‏ نحو‏350‏ دولارا‏)‏ دخلا سنويا للفرد‏,‏ وأنه يجري بحث ميداني لتحديد الأسر الأولي بالرعاية‏!‏
‏
*‏ وقال التقرير‏:‏ إن نسبة فقراء الريف هي‏58%,‏ بينما في الحضر‏42%..‏ وأن‏48%‏ منهم يعيشون في الوجه القبلي صعيد مصر‏,‏ بينما فقراء الوجه البحري نسبتهم‏36%.‏
‏
*‏ وقال أخطر تقرير‏:‏ إن لدينا في بر مصر‏221‏ منطقة عشوائية يعيش فيها ما بين‏12‏ و‏18‏ مليون بني آدم‏!‏
‏............‏
‏...........‏
والسؤال الذي يطرحه علينا خبيث الخبثاء الذي لا يريد أن يتركنا في حالنا‏:‏ كيف يعيش الناس من أمثال عم فرحات والأخت تفيدة خرج النجف وبخاطرها عبدالدايم وعم روحي النوبي الطيب الذين يعيشون في حارة زين العابدين الذين قتلوا فيها شابا زي الورد كان يقف في طابور العيش ذات صباح أسود فأخذ عمره كله بلطجي من بلطجية هذه الأيام وما أكثرهم أراد أن يأخذ دوره في الطابور‏..‏ في ظل هذه الأرقام الرسمية التي تكشف لنا واقعا مريرا‏..‏ وحالا لا يسر ولا يرضي‏..‏ ثم بعد ذلك نمضي قدما في رفع الدعم عنهم‏!‏
‏.................‏
‏................‏
قال لي خبير اقتصادي كبير طلب مني ألا أذكر اسمه‏:‏
نحن بلد يعيش ويأكل ويلبس ويركب ويسكن‏..‏ ليس من كده وعرقه وشقاه ولكن من عرق الفرنجة والخواجات والأعجام‏..‏ إزاي؟

تقول لنا الأرقام‏:‏ إننا نستورد نحو‏90%‏ من احتياجاتنا من الزيوت‏+80%‏ من الذرة‏+‏ أكثر من‏50%‏ من القمح والدقيق‏+50%‏ من الفول‏..‏ فطور وغداء وعشاء المصريين‏+‏ نحو‏33%‏ من السكر‏!‏
هل تريدون أن تزدادوا هما وغما وتشعرون كم تعاني الدولة من أجل تدبير نحو‏220‏ مليون رغيف عيش من أبوخمسة قروش كل طلعة شمس‏+‏ نحو‏20‏ مليون رغيف من الأنواع الأخري أم ربع جنيه وطالع؟

الجواب عند الدكتور عبدالمنعم سعيد رئيس مركز الدراسات السياسية والاقتصادية عندنا في الأهرام‏..‏ من خلال تقرير الاتجاهات الاقتصادية الاستراتيجية الذي صدر عن المركز في يناير الماضي‏..‏ وإذا قرأناه وفهمناه‏..‏ عرفنا كثيرا من أسرار ما يحدث لنا من تراجع اقتصادي في كل المجالات‏..‏

لنلق معا نظرة علي هذه الحقائق حتي لو كانت في مرارة العلقم حتي نفيق ونصحو‏:‏

‏1‏ ـ إن متوسط معدل التضخم وصل في عام‏2006‏ إلي‏11,7%(‏ طبقا لبيانات وزارة التنمية الاقتصادية والبنك المركزي وجهاز الإحصاء‏),‏ وهذه النسبة إذا خصمت من معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية‏(‏ البالغ‏14,7%),‏ فإن المعدل الحقيقي للنمو في عام‏2006‏ يصبح‏3%‏ فقط وليس‏6,9%‏ كما ذكرت بعض التقارير الرسمية‏!‏

‏2‏ ـ إن معدل البطالة حسب البيانات الرسمية‏,‏ ومن واقع النشرة الإحصائية للبنك المركزي كان قد بلغ نحو‏8,1%‏ من قوة العمل في نهاية عهد حكومة الدكتور الجنزوري‏(99/98)‏ وارتفع إلي‏10,3%‏ إلي نهاية عهد الدكتور عاطف عبيد‏,‏ قبل أن يرتفع مجددا في عهد الدكتور نظيف الحالية إلي‏11,9%!‏

‏3‏ ـ إن ثمة خللا جسيما في هيكل الأجور‏,‏ فالحد الأدني الرسمي للأجور ـ بكل الإضافات ـ يقل عن‏20‏ دولارا في الشهر‏,‏ في حين أن الحد الأدني للأجر في بلد عربي مثل الجزائر يبلغ‏167‏ دولارا شهريا‏!‏ أي‏8,5‏ ضعف بالمقارنة مع نظيره المصري‏!‏

‏4‏ ـ إن أفقر‏10%‏ من سكان مصر‏,‏ أي نحو‏7,2‏ مليون نسمة حصلوا عام‏2005‏ علي‏3,7%‏ من الدخل‏,‏ أي نحو‏1,3‏ دولار للفرد يوميا‏,‏ وهو ما يعني أن من يعيشون أقل من دولار واحد للفرد لن يقلوا عن‏3,5‏ مليون نسمة‏,‏ في حين أن من يعيشون بأقل من دولارين للفرد يقدر عددهم بنحو‏32,5‏ مليون نسمه‏.‏ أما أغني‏10%‏ من السكان فإن الفرد منهم يعيش في المتوسط بمعدل‏11‏ دولارا يوميا‏.‏

‏5‏ ـ إن سياسة الحكومة الحالية لا تلقي بكل ثقلها علي قضية الإنتاج‏,‏ وهو عصب أي اقتصاد في أي دولة‏.‏

ثم أين ذهبت وثيقة مصر في القرن الحادي والعشرين والتي كانت ترمي إلي أن يتخلص المجتمع المصري من الأزمات المتوقعة أولا بأول وحتي قبل حدوثها‏..‏ منها الخروج من الوادي الضيق‏+‏ تعمير سيناء وجنوب الوادي في توشكي والعوينات؟

‏6‏ ـ لماذا تخلت الحكومة عن الخريجين ونفضت يدها من تشغيلهم وإيجاد وظائف لهم‏,‏ وتركت المهمة كلها علي القطاع الخاص وحده لكي يبيع فيهم ويشتري؟

‏7‏ ـ متي تتوقف الدولة عن سياسة بيع مصانع وشركات وبنوك الدولة الشغالة والتي تحقق أرباحا‏..‏ وهل من اللائق ومن المقبول اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا أن يتحكم المشترون وكلهم لا يحملون الجنسية المصرية‏..‏ في موارد مصر واقتصادها‏..‏ ولو بعد حين؟

ولعل السؤال الآن ـ أكثر الأسئلة سخونة وحرارة وحضورا ـ هو ما طرحه خبراء مركز البحوث والدراسات الاقتصادية في جامعة القاهرة‏:‏

كيف يمكن لمواطن ـ أي مواطن ـ أن يعيش في ظل هذه الأجواء المعتمة؟
وكيف يمكن لرب أسرة ـ أي رب أسرة ـ أن يتحمل نفقات المعيشة مع اشتعال الأسعار كل طلعة شمس في غياب رقابة الدولة‏,‏ وفي ظل عجز الحكومة حتي عن تدبير من يراقب‏18‏ ألف مخبز وجيش من مفتشي التموين ومعهم رجال شرطة‏..‏ حتي لا يتفقوا مع أصحاب المصالح والمتاجرين بقوت الشعب علي طريقة شيلني ونشيلك‏..‏ وأرجو أن يكذبني أحد هنا‏!‏
‏.............‏
‏............‏
مازلت واقفا خارج طابور العيش هذه المرة‏..‏ مراقبا لكل ما يجري ويدور داخل هذا الطابور الذي هو في الحقيقة عصب الحياة المصرية‏..‏ وصورة كاملة عما يجري داخل مصر‏..‏

دعم أم لا دعم؟
دعم عيني أم دعم نقدي؟
أرسلت الصحفية النشيطة هبة عبدالخالق في مهمة صحفية لاستطلاع الرأي بين أهل مصر الذين يعيشون ويكدحون ويعانون خارج القاهرة الساحرة صاحبة الحظوة والصولجان والقرار وقلم الإمضاء‏..‏ ولا هم علي البال ولا علي الخاطر‏..‏

وهل يمكن أن نسحب من حياتهم رغيف العيش ونبيع لهم البنزين بالأسعار العالمية‏..‏ وأنبوبة البوتاجاز بثمنها الأصلي دون دعم‏..‏ والسكر بأسعار محال سنسبيري في لندن‏..‏ والزيت بسعر الزجاجة المكتوبة عليها في سوبر ماركت جزيرة مانهاتن؟

ذلك كله مقابل مائة جنيه أو حتي مائتي جنيه زيادة في رواتبهم ودخولهم المريضة بفقر دم مدقع؟

وكيف تبدو الصورة داخل طوابير العيش في القري والمدن المحسوبة خطأ علي أنها مدن‏..‏ والريف الجواني؟
نحن الآن في أحد أحياء مدينة الزقازيق‏..‏

وقفنا أمام أحد الأفران التي تقدم الخبز لخلق الله‏..‏ زحام يفوق الوصف‏..‏ نساء ورجال وصبية وأطفال تحت سن السابعة‏..‏
وناس متعبة وقوفا‏..‏ وآخرون جالسون من طول الانتظار‏..‏ وخناق وصراع وصراخ‏..‏ كل هذا من أجل كام رغيف حاف في آخر الأمر‏..‏

واحدة ممن أنصفهم الحظ وحصلوا علي العيش وخرجت من جهنم الطابور اللعين‏..‏ تنفخ وتتذمر وتتصبب عرقا‏.‏
سألتها‏:‏ من امتي في الطابور؟
قالت‏:‏ من صباحة ربنا عشان أخذ بجنيه عيش وبهدلة وخناق وكل يوم علي كده‏!‏
قلت‏:‏ ليه ما تخليش جوزك أو حد من ولادك يقف بدالك؟

أجابت زينب ـ وهذا هو اسمها ـ‏:‏ الواحد منهم يأخد عيش يبقي عليه العوض في الوظيفة‏..‏ اللي ييجي يشتري عيش من الفرن لازم يكون فاضي لا وراه شغلة ولا مشغلة‏..‏

أنا مرة صعبت علي بنتي وقالت لي‏:‏ أنا هروح بدالك النهاردة أشتري العيش‏..‏ وخرجت مع بنات من سنها من الصبح‏..‏ كلهم من سن‏12‏ و‏13‏ سنة‏..‏ غابوا ورجعوا لي قبل المغرب من غير ولا رغيف‏..‏ والبنت جت تعبانة وبتعيط وقالت لي‏:‏ عمري ما أروح الفرن تاني‏..‏ أجوع أحسن‏!‏
انتقلنا إلي فرن عيش آخر وطابور آخر‏..‏

قال لنا واحد من الواقفين‏:‏ بهدلة طول النهار وفي الآخر نأخذ بخمسين قرشا عيش‏..‏ وناس بتتخانق ومحدش بياخد اللي هو عاوزه‏..‏ لكن فيه ناس عندها واسطة تأخد اللي هي عاوزاه ولو حتي بعشرة جنيهات عيش‏!‏

قال لنا عم عبده وهو يبيع عافيته مقابل عشرين جنيها في اليوم لمن يريد أن يبني أو يزرع‏:‏ احنا يادوب عايشين بالعافية‏..‏ يادوب نقدر نأكل اللقمة الحاف من غير غموس‏..!‏

قالت محاسن وهي ربة بيت‏:‏ يا عالم‏..‏ إلا رغيف العيش محدش يقرب له‏..‏ كفاية علينا كل حاجة غالية‏:‏ الزيت‏..‏ السكر‏..‏ الأرز‏..‏ واللا اللحمة بعيد عن السامعين أصبحنا نتفرج عليها عند الجزارين عشان بس ما ننساش شكلها‏..‏
أسألها‏:‏ يعني ما بتاكلوش لحمة؟

قالت‏:‏ ياست هانم‏..‏ مرتب جوزي أول عن آخر‏200‏ جنيه‏..‏ يعني‏5‏ كيلو لحمة‏!‏
‏...............‏
‏...............‏
ولكن‏..‏
كيف يمكن نلغي الدعم ونحوله إلي دعم نقدي في ظل المنظومة الاقتصادية العشوائية التي نعيشها‏..‏ وفي ظل أسعار منفلتة العيار تركب قطارا أحمق بلا سائق‏..‏ وفي ظل تجارة مفتوحة سداح مداح غير مسجلة والدولة لا تعلم إلا عن‏14%‏ من حجم تداولها ـ كما يقول الخبراء المتخصصون ـ بينما نحو‏76%‏ منها لا تعلم الدولة عنها شيئا؟

ثم كيف يمكن أن نعرف من هو المستحق الحقيقي للدعم النقدي إذا اخترناه‏..‏ وإن كانت كل الدلائل تشير إلي أنها في الطريق إلي الأخذ به الآن أو غدا أو بعد غد‏..‏ ونحن نتحدث عن‏5‏ ملايين موظف‏+45‏ مليون عامل وفلاح ليس لهم لدينا أي سجلات ولا نعرف عنهم شيئا‏..‏ وهؤلاء هم الذين سوف نصرف لهم الدعم نقدا وعدا‏..‏
ولكن ذلك حديث آخر‏.

[/size][/center]

معاك حق هي ديه حياتن لكن يجب ان نرضي بها

تسلميلي يا ريري علي الرد بتاعك

هو فى غير كدة وقلنا لا لازم نعيش ونستحمل شكرا على الموضوع الجميل دة عاشق

مشكور علي ردك «®°·.¸.•°°·.¸.•°™انت معايا «®°·.¸.•°°·.¸.•°™